عقل و قلب و عام يُطل

 

 

 

عجيبة هيَّ الحياة! تصطحبك في رحلات متواصلة دون كلل أو ملل، فمرة تحملك إلى قمم السعادة والراحة و تارة تحط بك في أودية من العراقل والمشكلات والصعاب، ومرة آخرى تبسطك على هضاب شاسعة من السكينة والتفاؤل وربما مراحل من المشاعر المختلطة و التخبط.

عام جديد يُطل علينا، يفتح لنا أبواباً جديدة لفرص من التسامح والنقاء، إلا أننا كما يحدث بالعادة نأبى أن نصرف شرور أنفسنا في نهاية كل عام لنبدأ أعواماً جديدة، أكثر طُهراً وأكثر تصالحاً مع ذواتنا. تبدأ قصة كل منا في حالة نعيشها، كحالة الحب! عندما نقع في الحب فنحن حتماً نقع في فخوخه اللذيذة، تتبدل الصفات المُشينة في نظرة العاشق نحو محبه فتتحول إلى سمات فريدة، قد يُصنفها المُحب أحياناً بأنها ميزات لا تتكرر! لكن ما نغفل عنه في كل مرة بأن القلوب شواهد، وأن القلب الصادق يستشعر صدق الشعور بل ويدل صاحبه في مرات كثيرة ليكون الحدس صائباً. فهل أننا في هذا العام الجديد بصدد الحديث عن الحب؟! ليس فعلاً! فأنا لا أحاول إثبات شعور القلب أو نفيه لكني أوجه الضوء إلى خانة الموازنة ما بين العقل والقلب. فالقلب لا يمكنه إنصاف من يحبهم لأن العاطفة تغلبه فيعود به خائباً إلى نقطة البداية، ولكن العقل فإنه يُرجح كافة المعطيات والحقائق الملموسة ليحولها إلى تفاصيل يُحكم فيها كفات ميزانه بين الصحة والخطأ، فيكون القرار مبنياً على سلسلة من الخيارات التي تم استنتاجها من أرض الواقع الصلب، وهنا قد تكون الإجابة قاسية أو جارحة لذا كانت الموازنة مطلوبة. فمن الحكمة بأن تُحكم عقلك ومن الطيبة أن تستدل بقلبك فتفعل ما يمليه عليك ضميرك! هل قلت ضمير! عندما أعود لمجريات ما يحدث من انفتاح معلوماتي هائل نواجه حروبه ولنقل “منافعه” في هذة الفترة الزمنية العصيبة، فإني اتجه بلا شك الى منصة شبكات التواصل الإجتماعي، لما تنشره من فراغات وتراهات ليتحول ليكون فُقعات رائعة الجمال تُبهرنا بألوان الطيف التي تتقلب في مهيتها الصابونية التي تطير بخفة في الهواء عالياً وهي تدور في الفضاء بشكلها الأنيق التام الإستدارة، لتتلاشى بعد ثوانٍ معدودة أثر اصطدامها بأي ما كان من المحيط، فننسى أصلا بأنها كانت هنا قبل ثواني قليلة لتُبهجنا وترسم على مُحينا مجموعة إبتسامات وإنبهارات لحظية. السؤال هُنا ما علاقة فقعات الصابون ب”السوشال ميديا” ربما يكون لمعانها!

علمني جدي رحمة الله عليه بأن ليس كل ما يلمع ذهباً! ولسبب ما كنت أُكرر هذا المثل كثيراً في الصغر دون فهم أو وعي حقيقي لمعناه لكني اليوم خضت في الحياة تجارب وصراعات كثيرة طويلة ومديدة، فإتسعت مداركي وكبُر فهمي وأخذت أرى الأمور بحيادية وببساطة، لأن الحياة قصيرة جداً ولأني اُؤمن بأن الله وحده القادر على تحقيق العدالة على هذة الأرض، فهو سبحانه يُمهل ولا يُهمل. فاحذر يا صديقي غدر الزمان بك لأن دواليب الزمن لا تقف في نقطة واحدة.. فهي تدور وتدور لتعود بك إلى حيث كان ماكان ليكون! احسن إلى نفسك ليُحسن الناس إليك، واحسن لربك لتجد الإحسان لديه.

عام ميلادي سعيد أتمناه لكم.. أهلا 2017 .

 

تهاني الهاشمي

@TahanyAlhashemi