سبقني بعضي الى الجنّة

jam 

3 تشرين الثاني 10 , مساءاً

لطالما جذبتني انعكاسات الضوء على سطح المرايا ، و كثيراً مالاحقت ذلك الضوء الفضي الصغير الناجم عن ذلك الانعكاس ، يمتلأ ثغري بإبتسامات تجلجل عالم سكوني في كل مرة يلتصق الوميض الفضي الساحر ببشرتي و كأن جزءاً مني هرب إلى الجنة فشاع بنوره على ارض الدنيا الصلبة .

انقطاعة انترنتيه مازلت اعيشها ، استدركت من خلالها بأني اهدر وقتاً اكثر مما ينبغي في تصفحي على الشبكة العنكبوتية ، غريب كيف أن هذه التكنولوجيا غزتنا و بددت كثيراً من أساليبنا الحياتية القديمة لتصبح اليوم سريعة وخاطفة لدرجة أننا قد لا نشعر بأن أعمارنا فعلاً تلوذ بالفرار منا من غير رجوع .

دقات قلبي بدأت بالخفقان بشدة و انا أترقب الرزنامة ، هل فعلاً مضى العام بكل هذه السرعة! حزنت لبرهه لأن العمر بدأ يتقدم بي ، و لأني و لأني .. .. أخذت بتأنيب نفسي كثيراً ، و لكني سرعان ما استرضيتني بقطعة حلوى كبيرة و مشهية ! هل كان ذلك ارضاءاً لذاتي أم كانت محاولة اسكات لها ..

لا اعرف لماذا يعتصرني قلبي في هذة اللحظات التي اكتب فيها هذة التدوينة ، اشعر بأبواب عديدة تغلق و لا أعلم ان كان هنالك ما يُفتح ..

4 تشرين الثاني 10 , ظهراَ

غيمة حزن بددتها هذا الصباح و انا انهض بكسل و أنفض ستائر الظلام بقوة ، اهازيج الفرح تغزوني فأدندن بصوت مسموع بعض من الاغنيات الرائجة ، و ألون شفتي بلون فاقع ثم أزيله حالاً ، امشط خصلات شعري بخفة ، و اتجه لطابق السفلي حيث طاولة الطعام . و لا تنظروا لي هكذا طويلاَ , اسحب مقعدك و شاركني اصناف السعادة .

Eat , Pray, Love

كان ذلك عنوان احدث أفلام جوليا روبرتس ، عصرتني فيه ألماً و هي تهرب خلسة بعد منتصف الليل الى الحمام لتجثو على ركبتيها و هي تقول ” Hi God!” هذه أول مرة ادعوك فيها .. و تنخرط في البكاء ! لا أعلم لماذا شعرت حينها بفاجعة تكدر صفوي .. امرأة تعدت الأربعينات تقف في هذا الموقف و هي تردد لخالقها “مرحبا هذة اول ليلة أحاول ان اخاطبك فيها” ..!! هل تعيدنا تخبطاتنا الى الخطوة التي ما قبل الصفر ! مؤلم جداً أن نعيش لأهداف مادية , مؤلم أن نموت بعدها دون ان نسمح لأنفسنا بمتعة استنشاق ذات الله بين جنباتنا ! مؤلم مؤلم ..

في ايطاليا , حيث بدأت بإلتهام أطباق البيتزا الخرافية و بعض أطباق المعكرونة الشهية ، رمت وراء ظهرها مقاييس رشاقتها و ركضت خلف خيرات الله تاركه وراءها زواجاً فاشلاً و حبيباً ارادها و لم يردها !

في الهند , ظنت انها وجدت نفسها و هي ترتدي تلك الملابس البالية و تتنفس نفسها من خلال جلسات تأملية كان لها أن تمارسها في حديقة منزلهم الخارجية بدلاً من عناء السفر !

في تايلند ، حيث تعود لرؤية العراف الذي ألهمتها زيارته الأولى له لفعل كل ما سبق ، تعود و كأنها تشير لي بأننا دوماً نعود لنقطة البدء و لكن بروح اكثر شفافية لنجد الحب و نحيا الحياة ..

لا اعلم لماذا وجدتني اكتب بإسهاب في محاولة لتحليل تفاصيل الفيلم ، ربما لأنه لم يقنعني كثيراً ..؟ او انه اقنعني لدرجة البوح به هنا..؟!

كنت اجلس في احد المقاهي في ابوظبي الجميلة ، كنا نتحدث و نضحك حتى رأيت تلك المرأة ذات البشرة البيضاء و شعرها الأشقر المفرود تتجول بجواري و هي ترتدي فستاناً حريرياَ أكثر ما يصفه انه قميص ، تقف بساقيها العاريتين و أجزاء جسدها تتباين مع انعكسات الضوء عليه ، فتظهر لنا القطعة الداخلية الوحيدة التي ترتديها .. غضبت حينها من عدم احترام الغير لعاداتنا المحتشمة و خدشهم لمظاهر الحياء الظاهرة في وطننا .. حزنت أكثر لأني مارست غضبي مع من يجالسونني فقط .. فهل كان هذا مظهراً لي ليشعرني بضعف ايماني ..!

الآن ,

في مقهى أخر في احد انحاء الدولة ، اشرب قهوتي المثلجة ، و أنظر من حولي للمارة ، لألحظ رجلاً تقدم به العمر يلس شماغاً برتقاليا و ثوباً كركمي اللون و يسير ببهاء في أرجاء المكان ، ابتسمت ملأ شفتي ، و ضغطت على زر الارسال لتقرأوني اليوم كما أنا : )

لــيدي تــي

12 thoughts on “سبقني بعضي الى الجنّة

  1. د.أيمن says:

    شدني حديثك من بدايته الى نهايته ..تقلبات ذواتنا ..بين الصمت والصراخ

    نرحل في عوالم كثيرة ..في ثواني

    نرحل في صور حياتنا وتناقضاتنا ومبادئ أفكارنا

    بين الضفاف نحيا

    ونبقى كما نحن هنا

    صامتون

    في النهاية

    نرتشف رشفة قهوة …ونبتسم

    نجد ذواتنا غارقة هنا

    بين الصفحات

    سلم قلمك البهي الرائع سيدتي

  2. د.أيمن says:

    شدني حديثك من بدايته الى نهايته ..تقلبات ذواتنا ..بين الصمت والصراخ

    نرحل في عوالم كثيرة ..في ثواني

    نرحل في صور حياتنا وتناقضاتنا ومبادئ أفكارنا

    بين الضفاف نحيا

    ونبقى كما نحن هنا

    صامتون

    في النهاية

    نرتشف رشفة قهوة …ونبتسم

    نجد ذواتنا غارقة هنا

    بين الصفحات

    سلم قلمك البهي الرائع سيدتي

  3. د.أيمن says:

    هل آن لسيدتي أن تزور أوراقي

    تقرؤها ..وتخلط اولاها بآخرها

    لأجدها مبعثرة على ظهر طاولتي

    فأبتسم

    وأقول

    سيدتي كانت هنا …؟؟

  4. د.أيمن says:

    هل آن لسيدتي أن تزور أوراقي

    تقرؤها ..وتخلط اولاها بآخرها

    لأجدها مبعثرة على ظهر طاولتي

    فأبتسم

    وأقول

    سيدتي كانت هنا …؟؟

  5. Maha says:

    توتا ،
    أتعلمين أنني أجد متنفسي هنا ؟
    لاسيما بعد أن نشر ذلك الوميض الفضي الساحر
    جزيئاته على روحي و لونها بتنهيدة عابقة أطلقتها
    “ليدي تي” و هي تنشر حزنها على حبل أفكارها
    ها هنا.. صدقيني يا غالية أن الأبواب صُنعت لتفتح
    لا لكي تظل مغلقة!! علينا أن نتحلى بالإيمان قليلاً ،
    و نضع كفنا على مزلاج الباب ، مثخنين بالحب و الأمل ،
    ننظر إلى السماء بابتسامة و ترقب ..
    مهما طال الانتظار..
    سيُفتح الباب بإذن الله..

    “Eat , Pray, Love ”
    هذا الفيلم إهداء من جوليا روبرتس لي ! 🙂
    للناس النحاف اللي يحبوا ياكلوا (ماشا الله ماشا الله)
    و اللي يحبوا السفر (بس من جد يسافروا! مو يجلسوا!)
    أتحرق شوقاً لمشاهدته منذ فترة طويلة..
    أراهن أن الفيلم بشفافيته و روحانيته لامس شيئاً
    رقيقاً بين خلجات توتا ، لذلك وجدت نفسك قد أسهبت
    في الحديث عنه ، صح؟

    “شماغاً برتقاليا” !!!
    لا كتير عليا كده.. توو متش!!!!
    لو أختي الصغيرة كانت جالسة معاكي
    كانت حشته حش 😀

    سنحتسي القهوة سوياً المرة المقبلة
    ان شاء الله..

    كوني بخير توتــــا ،،
    مها ،،

  6. Maha says:

    توتا ،
    أتعلمين أنني أجد متنفسي هنا ؟
    لاسيما بعد أن نشر ذلك الوميض الفضي الساحر
    جزيئاته على روحي و لونها بتنهيدة عابقة أطلقتها
    “ليدي تي” و هي تنشر حزنها على حبل أفكارها
    ها هنا.. صدقيني يا غالية أن الأبواب صُنعت لتفتح
    لا لكي تظل مغلقة!! علينا أن نتحلى بالإيمان قليلاً ،
    و نضع كفنا على مزلاج الباب ، مثخنين بالحب و الأمل ،
    ننظر إلى السماء بابتسامة و ترقب ..
    مهما طال الانتظار..
    سيُفتح الباب بإذن الله..

    “Eat , Pray, Love ”
    هذا الفيلم إهداء من جوليا روبرتس لي ! 🙂
    للناس النحاف اللي يحبوا ياكلوا (ماشا الله ماشا الله)
    و اللي يحبوا السفر (بس من جد يسافروا! مو يجلسوا!)
    أتحرق شوقاً لمشاهدته منذ فترة طويلة..
    أراهن أن الفيلم بشفافيته و روحانيته لامس شيئاً
    رقيقاً بين خلجات توتا ، لذلك وجدت نفسك قد أسهبت
    في الحديث عنه ، صح؟

    “شماغاً برتقاليا” !!!
    لا كتير عليا كده.. توو متش!!!!
    لو أختي الصغيرة كانت جالسة معاكي
    كانت حشته حش 😀

    سنحتسي القهوة سوياً المرة المقبلة
    ان شاء الله..

    كوني بخير توتــــا ،،
    مها ،،

  7. LadyT says:

    اشكر لكم كم الجمال الذي دوماً ما تمارسون سكبه
    بسخاء على عالمي ..
    امارس طقوس الشتاء و الثلج من خارج الدولة
    اعود إليكم قريبا بثرثرة جديدة او ربما همسة
    دافئة من أعماق الشتاء القارص

  8. LadyT says:

    اشكر لكم كم الجمال الذي دوماً ما تمارسون سكبه
    بسخاء على عالمي ..
    امارس طقوس الشتاء و الثلج من خارج الدولة
    اعود إليكم قريبا بثرثرة جديدة او ربما همسة
    دافئة من أعماق الشتاء القارص

  9. الشاعر الرحال says:

    الهروب من الإنترنت إلى الدنيا … إلى الواقع … إلى الحياة … والعكس صحيح.

    أظنّكِ قد وجدتِ إختلافاً كبيراً بين ” قبل وبعد ” , قبل ” الإنقطاع عن الإنترنت ” وبعده , لأني وجدت ذلك أيضاً.

    لا أضمُّ عليكِ أني … تسائلت في نفسي عندما دخلت إلى مدونتكِ منذ ساعة أو أكثر … عن هذا العدد القليل من التدوينات , فقد تفاجئت من قلة التدوينات التي أدرجتِها هنا … هي ثلاثة لا غير … وكأنَّ عدواي أصابتكِ , فرحتِ تكتبين مدونة واحدة بين شهر وآخر.

    ما يقارب الثلاثة أشهر من إنقطاعي عن هذا الركن وعن الإنترنت عموماً وإن كان بمعدل أقل بجُزَيْئَة واحدة من الإنقطاع الأول … أجد أن الحياة في الإنترنت لها وفيها ما يستحق أن يحن الإنسان إليها … وحتى أنها تستأهل أن يبكي أحدنا جراء فقده إياها …!!! وكي يشعر بأنه مازال حياً لم يمت …!!! إنه زمن الهروب من الدنيا إلى الإنترنت … إلى الواقع الأكثر تأثيراً … إلى الحياة …!!!.

    إنه زمن المتناقضات.

    فما رأتهُ تلك الشقراء من ” مظاهر حياء” ” ظاهرة في وطننا ” , لم تقنعها لسبب واحد هو أن باطن وطننا هذه الأيام أكثر عرياً منها … ألم تتحدثي عن ذلك في التدوينة السابقة !!

    إنه زمن المتناقضات.

    قد أحاول أن أشاهد الفيلم لسبب واحد هو ذاك الشعور الذي يعتصر الإنسان ويضغطه وجعاً , حينما يعود إلى الله بعد فراق دام لفترة بسيطة , وكيف لأربعة عقود !!

    لا أحد يستطيع وصف تلك اللحظة … مبكية هي … ومفرحة أيضاً !!

    أرجو أن تهبطين بسلام إلى أي بقعة تشتاقين إليها وتتخذينها وطناً لكِ …

    ” جارتي ”

    تقديري الكبير جداً.

  10. الشاعر الرحال says:

    الهروب من الإنترنت إلى الدنيا … إلى الواقع … إلى الحياة … والعكس صحيح.

    أظنّكِ قد وجدتِ إختلافاً كبيراً بين ” قبل وبعد ” , قبل ” الإنقطاع عن الإنترنت ” وبعده , لأني وجدت ذلك أيضاً.

    لا أضمُّ عليكِ أني … تسائلت في نفسي عندما دخلت إلى مدونتكِ منذ ساعة أو أكثر … عن هذا العدد القليل من التدوينات , فقد تفاجئت من قلة التدوينات التي أدرجتِها هنا … هي ثلاثة لا غير … وكأنَّ عدواي أصابتكِ , فرحتِ تكتبين مدونة واحدة بين شهر وآخر.

    ما يقارب الثلاثة أشهر من إنقطاعي عن هذا الركن وعن الإنترنت عموماً وإن كان بمعدل أقل بجُزَيْئَة واحدة من الإنقطاع الأول … أجد أن الحياة في الإنترنت لها وفيها ما يستحق أن يحن الإنسان إليها … وحتى أنها تستأهل أن يبكي أحدنا جراء فقده إياها …!!! وكي يشعر بأنه مازال حياً لم يمت …!!! إنه زمن الهروب من الدنيا إلى الإنترنت … إلى الواقع الأكثر تأثيراً … إلى الحياة …!!!.

    إنه زمن المتناقضات.

    فما رأتهُ تلك الشقراء من ” مظاهر حياء” ” ظاهرة في وطننا ” , لم تقنعها لسبب واحد هو أن باطن وطننا هذه الأيام أكثر عرياً منها … ألم تتحدثي عن ذلك في التدوينة السابقة !!

    إنه زمن المتناقضات.

    قد أحاول أن أشاهد الفيلم لسبب واحد هو ذاك الشعور الذي يعتصر الإنسان ويضغطه وجعاً , حينما يعود إلى الله بعد فراق دام لفترة بسيطة , وكيف لأربعة عقود !!

    لا أحد يستطيع وصف تلك اللحظة … مبكية هي … ومفرحة أيضاً !!

    أرجو أن تهبطين بسلام إلى أي بقعة تشتاقين إليها وتتخذينها وطناً لكِ …

    ” جارتي ”

    تقديري الكبير جداً.

اترك رداً على الشاعر الرحال إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *