دروب الحياة متفرقة و شاسعة ، تعددها مثير ، و تلون مرارتها و حلاوتها يزيد فتيلها اشتعالاً . وجوه كثيرة نعبرها و لا تعبرنا . خطوات صغيرة تُحيلنا إلى مشاريع مُشيدة كبيرة و ضخمة ، و قرارات عظيمة تقودنا إلى حفرة ضيقة و حديرة حيث لا هواء و لا ماء .
في ممرات الصعود للطائرة ، استوقفني المشهد في ذلك الخرطوم حيث يتدافع الناس من شدة الإزدحام و في الممر الزجاجي الاخر أين كنت أتبختر وحيدة نوعاً ما ، داهمتني فكرة العبور على الصراط و إن كنت سأحظى بذات العبور المتفرد … أقلقتني لحظتها تلك الفكرة فـ تاه عقلي في حلقة دعاء متواصل بأن يُكرمني الله في جميع أموري و أحوالي فكل ما أملك من إنجازات و إخفاقات ، و حلقات خذلان و تحقيقات ، و خسائر و ممتلكات ذهنية و مادية و نفسية ما هو إلا كرم كبير من خالق أجاد في خلقه كل تلك التفاصيل الصغيرة و الدقيقة التي نحسن حمدها و شكرها و ملاحظتها ، و تلك التي نغفل حتى عن إداراك وجودها أو حصولها في حياتنا.
ضوء عيني مُتقد ، أخشى أن تلحظه تلك الوجوه الغريبة العابرة ، و قلبي يخفق بشدة في كل مرة أطبق فيها أجفاني لتتبادى لي كلماته و لا شئ سواها .. غربة روح و شقاء نفس و لذة متراعشة تنتفض بين شفتّي كتنهيدة طويلة.
أنا لست إلا وتر وحيد يُعزف برفق على آلة موسيقية قديمة غطاها التراب .
ربِ ارحم ضغفي و بارك لي في قوتي ، امنحني قلباً نقياً و روحاً مطمئنة خاضعة لجبروت قهرك ، طهّر جوارحي و فؤادي و روحي من كل دنس و خطية ، و بارك لي يارب في أوقاتي و سكناتي و زفراتي .
يارب مالـنا معبود سـواك.
كُل الحُب،
تهـاني الهاشمـي
من على ركب طائرة ما .
11 فبراير، 2013
* لدقائق “إعتقدت” أن الصورة لحجر “كريم” , “عقيق” أو “فيروز صخري” أو ما شابه , غير أن النص الذي تلا الصورة أودى بإعتقادي إلى الخطيئة , فأي حجر ذلك الشباك الطائر وتلك التربة الحيّة وتلك المنازل النابضة وذلك الغروب الذي يشغف القلوب.
إنها شمس الله .. سماءه وتربته , وما أجمل العبور إليه وما أحلى الوصول إليه.
تهاني .. دام صفاؤك ونقاؤك ودام هذا البياض وهذه الطمأنينة.
تقديري الكبير جداً.