لماذا نكتب؟!

 

 

لماذا نكتب؟*

 

سؤال يبدو سطحي وبسيط، لكنه في الواقع سؤال شائك ويصعب علينا تحديد إجابة واضحة له. الكتابة هي وسيلة للتواصل ونقل الأفكار، بدأها الإنسان بالرسم وتطورت فكرتها عبر العصور لتصير حروفاً وأرقاماً، كما تعددت أدواتها من البردي والأوراق والألواح حتى وصلنا إلى لوحات المفاتيح التي نستخدمها عبر أجهزة الحواسيب. لكننا كلما تعمقنا أكثر في “لماذا نكتب؟” وجدنا بأن الكتابة هي نوع من التوثيق، بها تم تناقل الكتب السماوية عبر الأزمنة الممتدة وبها صرنا ندوّن قصص السابقين وتجاربهم، إذاً الكتابة هي جزء من التاريخ إن لم تكن التاريخ كله! لا تقتصر الكتابة على ذلك فقط، فنحن نستخدم الكتابة أيضاً للتعبير عن ذواتنا، فالحمام الزاجل حمل كثيراً من رسائل الحب والغرام كما حملت المنشورات الكثير من التوجهات السياسية والحزبية. الكتابة ليست أمراً هيناً فهي تربط ماضينا بحاضرنا بمستقبلنا، هي سلسلة لحيوات مترابطة، هي إستمرارية، هي القدرة على السرد والإرتباط والتكوين، بعد كل هذا قد ترفع نظرك نحوي وتعود لتسأل لكن .. لماذا نكتب؟ نكتب لتفريغ مشاعرنا المكتوبة ولتعبير عنها، للتعري عن مكامن الضعف أو القوة، نكتب لأننا نحتاج أن يسمعنا أحد دون أن يُحاكمنا أو يقسو علينا، نكتب لأننا نحتاج إلى توثيق اللحظة من تخليدها من دفاتر الذاكرة والنسيان، نكتب لأن القلم صديقٌ وفي ولأن الحرف صار هوّ الإنسان فينا. نكتب لأن الكتابة ثورات متتالية في الروح والجسد، لأن القلم تناقل تاريخنا وأدبنا وشعرنا ودروسنا وتجاربنا ولأن في الكتابة حياة اخرى.

 


*نُشر في الصباح المصرية، شكراً للصحفي محمد حميدة.