إلى رومــــا

 

 

 

 

التطرف له ألوان وأشكال عدة، وبالرغم من ذلك فنتيجته النهائية واحدة، وكما يقال كل الطرق تؤدي إلى “روما” التي لا تشبه روما في قولنا هذا لأنها بلاد كفر كما قال الرواي! السؤال الذي يطرح نفسه هُنا، هل للتطرف أن يكون في جانب واحد على الأقل من جوانبنا الحياتية! في الحقيقة وحسب مشاهداتي الشخصية، وجدت بأن التطرف لايقتضي المعتقدات الدينية وحسب لأن الاعتقاد يلحق بالسلوك دون أن يشعر الفرد بذلك، فينال من عقلك وسلوكك حتى يتحكم بقراراتك ونمط حياتك ومصيرك كاملاً. المغالاة في جانب بحد ذاته لابد أن تنال بقية الجوانب لتسيطر على مبادئك الدينية وآرائك السياسية وأفكارك الشخصية والحياتية بما يتضمن علاقاتك الإجتماعية، فيخلق من صاحبه شخصاً جديداً لايشبه النسخة الأصلية إلا في الشكل، طبعاً وهذا لن يكون لأن المضمون يتبع المظهر مع مرور الوقت، المبالغة والغلو لم تكن يوماً طريقاً للهداية أو الوعظ فحجة الضعيف رفع الصوت وإبراز العضلات، لانه مُدرك تماماً بأن لا مكان للعقل والفكر، لكن هل كان الإسلام مصدراً للتطرف! بالطبع لا! بُعثَ رسولنا الكريم ليكون رحمةً للناس والعالمين، فكيف تنصح عبداً إذا كنت تزجره في وجهه، وكيف تطلب من غيرك حضور مجلس ذكر إذا كنت تنظر له بدونية أو أقليه، وكيف تُحمِل مخلوقاً مثلك مالا يحتمل إذ أمرنا الله تعالى بالدعاء له بأن لا يُحملنا فوق ما لا طاقة لنا به! صارت ألعاب التظاهر بالدين كثيرة وأساليبها مريرة، متى كنا نقتل الأبرياء لتحقيق العدالة ومتى كُنا نُبيح الأعراض بالنظرات والألسن فيما كان قذف المحصنات الغافلات من الكبائر! هذا التطرف لا يعنينا ولا يُمثلنا بأي شكلٍ كان، هو ليس إلا معول هادم للفرد قبل الجماعة، هو ليس إلا هدر للقيمة البشرية والإنسانية وديننا يسمو عن كل ذلك لأنه لايحمل في طياته إلا مفهوم الخير والسلام، فالإعتدال والوسطية هما أحد أهم اللبنات التي قام عليها هذا الدين الكريم وإلا لما دام ولا كان ولاصار، اختم حروفي هذة بآية قرآنية كريمة آملة أن نتأملها جيداً.

قال تعالى ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾  سورة عمران:159